فصل: ومن باب صلاة الكسوف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم السنن



.ومن كتاب العيدين:

قال أبو داود: حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا إسحاق بن عثمان قال: حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية عن جدته أم عطية «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة جمع نساء الأنصار في بيت فأرسل إلينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقام على الباب فسلم علينا فرددنا عليه السلام ثم قال أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم وأمرنا بالعيدين أن نخرج فيهما الحيض والعتَّقَ ولا جمعةَ علينا ونهانا عن اتباع الجنائز».
العتق جمع عاتق يقال جارية عاتق وهي التي قاربت الإدراك ويقال بل هي المدركة.
أخبرني أبو عمر أخبرني أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: قالت جارية من الأعراب لأبيها اشتر لي لَوْطا أغطي به فُرعلي فإني قد عتقت تريد أدركت والفرعل هاهنا الشعر واللوط الإزار.

.ومن باب الخطبة في العيد:

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل نا عبد الرزاق نا ابن جريج أخبرني عطاء عن جابر بن عبد الله قال: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر فصلى فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم خطب الناس فلما فرغ نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل فأتى النساء فذكّرهن وهو يتوكأ على يد بلال وبلال باسط ثوبه والنساء يلقين فيه صدقة تلقي المرأة فَتَخها».
الفتخ الخواتيم الكبار. واحدتها فتخة.

.ومن باب تكبير العيدين:

قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد نا ابن لَهِيعة عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات».
قلت: وهذا قول أكثر أهل العلم، وروي ذلك، عَن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس وأبي سعيد الخدري وبه قال الزهري ومالك والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه.
وقال الشافعي ليس من السبع تكبيرة الافتتاح ولا من الخمس تكبيرة القيام.
وقال أبو ثور سبع تكبيرات مع تكبيرة الافتتاح وخمس في الثانية.
وروي عن ابن مسعود أنه قال يكبر الإمام أربع تكبيرات متواليات ثم يقرأ ثم يكبر فيركع ويسجد ثم يقوم فيقرأ ثم يكبر أربع تكبيرات يركع بآخرها، وإليه ذهب أصحاب الرأي، وكان الحسن يكبر في الأولى خمسا وفي الأخرى ثلاثا سوى تكبيرتي الركوع.
وروى أبو داود في هذا الباب حديثا ضعيفا، عَن أبي موسى الأشعري «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيد أربعًا تكبيره على الجنائز».
قال: حدثنا محمد بن العلاء نا زيد بن حباب عن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن مكحول قال أخبرني أبو عائشة جليس لأبي هريرة، عَن أبي موسى.

.ومن باب إذا لم يخرج الإمام للعيد يومه يخرج من الغد:

قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر نا شعبة عن جعفر بن أبي وحشية، عَن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن ركبا جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهدون أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم أن يفطروا فإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلاهم».
قلت: وإلى هذا ذهب الأوزاعي وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وإسحاق في الرجل لا يعلم بيوم الفطر إلاّ بعد الزوال.
وقال الشافعي إن علموا بذلك قبل الزوال خرجوا وصلى الإمام بهم صلاة العيد وإن لم يعلموا إلاّ بعد الزوال لم يصلوا يومهم ولا من الغد لأنه عمل في وقت إذا جاز ذلك الوقت لم يعمل في غيره، وكذلك قال مالك وأبو ثور.
قلت: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى وحديث أبي عُمير صحيح فالمصير إليه واجب.

.ومن باب الصلاة بعد صلاة العيد:

قال أبو داود: حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة حدثني عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها ثم أتى النساء ومعه بلال فأمرهن بالصدقة فجعلت المرأة تلقي خُرصها سِخابها».
الخرص الحلقة والسخاب القلادة.
وفي الحديث من الفقه أن عطية المرأة البالغة وصدقتها بغير إذن زوجها جائزة ماضية ولو كان ذلك مفتقرا إلى الأزواج لم يكن صلى الله عليه وسلم ليأمرهن بالصدقة قبل أن يسأل أزواجهن الإذن لهن في ذلك.

.ومن أبواب الاستسقاء:

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي نا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالناس يستسقي فصلى بهم ركعتين جهر فيهما وحول رداءه فدعا واستسقى واستقبل القبلة».
قلت: في قوله خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس يستسقي دليل على أن السنة في الاستسقاء الخروج إلى المصلى. وفيه أن الاستسقاء إنما يكون بصلاة.
وذهب بعض أهل العراق إلى أنه لا يصلي ولكن يدعو فقط. وفيه أنه يجهر بالقراءة فيها وهو مذهب مالك بن أنس والشافعي وأحمد، وكذلك قال محمد بن الحسن. وفيه أنه يحول رداءه وتأول على مذهب التفاؤل أي لينقلب ما بهم من الجدب إلى الخصب.
وقد اختلفوا في صفة تحويل الرداء فقال الشافعي ينكس أعلاه ويتاخى أن يجعل ما على شقه الأيمن على شقه الأيسر ويجعل الجانب الأيسر على الجانب الأيمن.
وقال أحمد بن حنبل يجعل اليمين على الشمال ويجعل الشمال على اليمين، وكذلك قال إسحاق وقول مالك قريب من ذلك.
قلت: إذا كان الرداء مربعا نكسه وإذا كان طيلسانا مدورا قلبه ولم ينكسه.
قال أبو داود: حدثنا ابن عوف قال قرأت في كتاب عمرو بن الحارث الحمصي عن عبد الله بن سالم عن الزبيدي عن ابن شهاب عن عباد بن تميم عن عمه وساق الحديث قال وحول رداعه وجعل عِطافه الأيمن على عاتقه الأيسر وجعل عطافه الأيسر على عاتقه الأيمن ثم دعا الله.
أصل العطاف الرداء وإنما أضاف العطاف إلى الرداء هاهنا لأنه أراد أحد شقي العطاف الذي عن يمينه وعن شماله.
قال أبو داود: حدثنا النفيلي وعثمان بن أبي شيبة قالا، حَدَّثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة، قال أخبرني أبي عن ابن عباس قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء وصلى ركعتين كما كان يصلي في العيد».
قلت: في هذا دلالة على أنه يكبر كما يكبر في العيدين، وإليه ذهب الشافعي وهو قول ابن المسيب وعمر بن عبد العزيز ومكحول. وقال مالك يصلي ركعتين كسائر الصلوات لا يكبر فيها تكبير العيد غير أنه يبدأ بالصلاة قبل الخطبة كالعيد.

.ومن باب رفع اليدين في الاستسقاء:

قال أبو داود: حدثنا ابن أبي خلف نا محمد بن عبيد نا مسعر عن يزيد الفقير عن جابر رضي الله عنه قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يُواكي فقال اللهم اسقنا غيثا مغيثًا مُغيثا مَريئا مريعا نافعا غير ضار عاجلا غير آجل قال وأطبقت عليهم السماء».
قوله: «يواكي» معناه التحامل على يديه إذا رفعهما ومدهما في الدعاء، ومن هذا التوكؤ على العصا وهو التحامل عليها.
وقوله: «مريعا» يروى على وجهين بالياء والباء فمن رواه بالياء جعله من المراعة وهي للخصب، يقال منه أمرع المكان إذا أخصب، ومن رواه مربعا بالباء كان معناه منبتا للربيع.
واستدل بفعل النبي صلى الله عليه وسلم من لا يرى الصلاة في الاستسقاء، وقال ألا ترى أنه اقتصر على الدعاء ولم يصل له.
قال الشيخ قد ثبت الاستسقاء بالصلاة بما ذكره أبو داود في الأخبار المتقدمة وإنما وجهه وتأويله أنه كان بإزاء صلاة يريد أن يصليها فدعا في أثناء خطبته بالسقيا فاجتمعت له الصلاة والخطبة فجزت عن استئناف الصلاة والخطبة كما يطوف للرجل فيصادف الصلاة المفروضة عند فراغه من الطواف فيصليها فينوب عن ركعتي الطواف وكما يقرأ السجدة في آخر الركعة فينوب الركوع عن السجود.
قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال: «أصاب أهل المدينة قحط فقام رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فقال هلك الكراع والشاة فسل الله أن يسقينا فمد يده ودعا فهاجت ريح ثم أنشأت سحابا ثم اجتمع فأرسلت السماء عزاليها فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا».
العزالى جمع العزلاء وهم فم المزادة.

.ومن باب صلاة الكسوف:

قال أبو داود: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح أخبرنا ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة قالت: «خسفت الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج إلى المسجد فقام فكبر وصف الناس وراءه فاقترأ قراءة طويلة ثم كبر فركع ركوعا طويلا ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، ثم قام فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى ثم كبر فركع ركوعا طويلا وهو أدنى من الركوع الأول ثم قال سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد، ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك فاستكمل أربع ركعات وأربع سجدات وانجلت الشمس قبل أن ينصرف».
قلت: قوله فكبر وصف الناس حوله. فيه بيان أن السنة أن يصلي الكسوف جماعة، وإليه ذهب الشافعي وأحمد بن حنبل. وقال أهل العراق يصلون منفردين وعند مالك يصلون لكسوف القمر وحدانا وفي خسوف الشمس جماعة.
وفيه بيان أنه يركع في كل ركعة ركوعين وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وقال سفيان الثوري وأصحاب الرأي يركع ركعتين في كل ركعة ركوع واحد كسائر الصلوات.
وقد اختلفت الروايات في هذا الباب فروى أنس أنه ركع ركعتين في أربع ركعات وأربع سجدات وروي أنه ركعهما في ركعتين وأربع سجدات وروي أنه ركع ركعتين في ست ركعات وأربع سجدات. وروي أنه ركع ركعتين في عشر ركعات وأربع سجدات. وقد ذكر أبو داود أنواعا منها. ويشبه أن يكون المعنى في ذلك أنه صلاها مرات وكرات فكانت إذا طالت مدة الكسوف مد في صلاته وزاد في عدد الركوع وإذا قصرت نقص من ذلك وحذا بالصلاة حذوها وكل ذلك جائز يصلي على حسب الحال ومقدار الحاجة فيه.
قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن سعد حدثنا عمي نا أبي عن ابن إسحاق حدثني هشام بن عروة عن سليمان بن يسار عن عروة عن عائشة قالت: «كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فصلى بالناس فقام فحزرت قراءته فرأيت أنه قرأ سورة البقرة وحزرت قراءته، يَعني في الركعة الأخرى فرأيت أنه قرأ سورة آل عمران».
قلت: قولها فحزرت قراءته يدل على أنه لم يجهر بالقراءة فيها ولو جهر لم يحتج فيها إلى الحزر والتخمين. وممن قال لا يجهر بالقراءة مالك وأصحاب الرأي وكذلك قال الشافعي.
قال أبو داود: حدثنا عباس بن الوليد أخبرني أبي حدثنا الأوزاعي أخبرني الزهري أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ قراءة طويلة يجهر بها في صلاة الكسوف».
قلت: وهذا خلاف الرواية الأولى عن عائشة؛ وإليه ذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وجماعة من أصحاب الحديث قالوا، وقوله المثبت أولى من قول النافي لأنه حفظ زيادة لم يحفظها النافي.
قلت: وقد يحتمل أن يكون قد جهر مرة وخفت أخرى وكل جائز.
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا الأسود بن قيس حدثني ثعلبة بن عباد عن سمرة بن جندب قال: «بينما أنا وغلام من الأنصار نرمي غرضين لنا حتى إذا كانت الشمس قِيدَ رمحين أو ثلاثة في عين الناظر من الأفق اسودت حتى آضت كأنها تَنُّومَةَ فقال أحدنا لصاحبه انطلق بنا إلى المسجد فوالله ليُحدثن شأن هذه الشمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته حَدثا قال فدُفعنا إلى المسجد فإذا هو بارز وذكر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه قام بنا كأطول ما قام بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتًا».
قلت: التنوم نبت لونه إلى السواد ويقال بل هو شجر له ثمر كمد اللون.
وقوله فإذا هو بارز تصحيف من الراوي وإنما هو بأزز أي بجمع كثير، تقول العرب الفضاء منهم أزز والبيت منهم أزز إذا غص بهم لكثرتهم، وقد فسرناه في غريب الحديث. وفي قوله فلم نسمع له صوتا دليل على صحة إحدى الروايتين لعائشة أنه لم يجهر فيها بالقراءة.
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال: «انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكد يركع ثم ركع فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد ثم سجد فلم يكد يرفع ثم رفع ثم فعل في الأخرى مثل ذلك ثم نفخ في آخر سجوده فقال أف، ثم قال رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم، ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون ففرغ من صلاته وقد امَّحصت الشمس».
قوله: «امحصت الشمس» معناه انجلت، واصل المحص الخلوص يقال محصت الشيء محصا إذا خلصته من الشوب، فامحص إذا خلص منه. ومنه التمحيص من الذنوب وهو التطهير منها.
وفي الحديث بيان أن السجود في صلاة الكسوف يطول كما يطول الركوع وقال مالك لم نسمع أن السجود يطول في صلاة الكسوف كما يطول الركوع ومذهب الشافعي وإسحاق بن راهويه تطويل السجود كالركوع.
وفي الحديث دليل على أن النفخ لا يقطع الصلاة إذا لم يكن له هجاء فيكون كلمة تامة وقوله: «أف» لا تكون كلاما حتى تشدد الفاء فيكون على ثلاثة أحرف من التأفيف كقولك أف لكذا، فأما والفاء خفيفة فليس بكلام، والنافخ لا يخرج الفاء في نفخه مشددة ولا يكاد يخرجها فاء صادقة من مخرجها بين الشفة السفلى ومقاديم الأسنان العليا ولكنه يفشيها من غير اطباق السن على الشفة وما كان كذلك لم يكن كلامًا.
وقد قال عامة الفقهاء إذا نفخ في صلاته فقال أف فسدت صلاته إلاّ أبا يوسف فإنه قال صلاته جائزة.